جريمة مروعة في قلب دمشق: نهاية مأساوية للفنانة ديالا الوادي تهز الأوساط الثقافية 4/8/2025
جريمة مروعة في قلب دمشق: نهاية مأساوية للفنانة ديالا الوادي تهز الأوساط الثقافية 4/8/2025

جريمة مروعة في قلب دمشق: نهاية مأساوية للفنانة ديالا الوادي تهز الأوساط الثقافية
في ليلة من ليالي أغسطس الحالكة، طالت يد الغدر والخسة فنانة سورية تركت بصمة هادئة وراقية في المشهد الفني، لتضع نهاية مأساوية لحياة ديالا الوادي، ابنة الموسيقار العراقي الكبير صلحي الوادي. في جريمة سطو مسلح غادرة على منزلها في حي المالكي الراقي بدمشق، لم تُسرق الأموال والمجوهرات فحسب، بل سُرقت معها روح فنانة وإنسانة، لتُخلّف وراءها صدمة وحزناً عميقين في قلوب محبيها وزملائها وسؤالاً مرعباً حول انعدام الأمن في العاصمة التي كانت يوماً منارة للأمان.
تفاصيل الجريمة التي أدمت القلوب
في الساعات الأولى من فجر يوم الاثنين، الرابع من أغسطس 2025، انتشر خبر مقتل الفنانة ديالا الوادي كالنار في الهشيم عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. تفاصيل الجريمة، كما أوردتها المصادر الأمنية والإعلامية، تروي فصولاً من الرعب الذي عاشته الفنانة في لحظاتها الأخيرة. تشير المعلومات الأولية إلى أن الجاني أو الجناة تتبعوا الضحية حتى وصولها إلى مدخل منزلها الكائن في حي المالكي، وهو أحد أكثر أحياء دمشق تحصيناً. وما إن دخلت منزلها حتى انقضوا عليها، وقاموا بخنقها حتى الموت، قبل أن يلوذوا بالفرار بعد سرقة مبالغ مالية ومصاغ ذهبي.

هذه الجريمة البشعة لم تكن مجرد حادثة سرقة انتهت بالقتل، بل كانت بمثابة ضربة موجعة للوسط الفني والثقافي السوري والعربي، وعلامة فارقة على حجم التدهور الأمني الذي وصلت إليه العاصمة السورية. وقد هرعت السلطات المختصة إلى مكان الحادث وباشرت التحقيقات، وأعلنت وزارة الداخلية السورية أن فرع المباحث الجنائية يتابع القضية لجمع الأدلة وتحديد هوية الفاعلين وتقديمهم للعدالة.
وقد نعت نقابة الفنانين السوريين في دمشق الفنانة الراحلة في بيان مقتضب عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك جاء فيه: “تعازينا القلبية بوفاة الزميلة الفنانة ديالا صلحي الوادي إثر سطو مسلح في منزلها. إنا لله وإنا إليه راجعون”. هذا النعي الرسمي كان بداية لسيل من رسائل الرثاء والتعازي من فنانين ومثقفين سوريين وعرب، عبروا عن صدمتهم وحزنهم العميق لفقدان زميلتهم وصديقتهم.
ديالا الوادي: ابنة “عراب الموسيقى” التي عشقت الفن بهدوء
لم تكن ديالا الوادي مجرد فنانة عابرة في تاريخ الدراما والمسرح السوري، بل كانت سليلة عائلة فنية عريقة، فوالدها هو الموسيقار العراقي الراحل صلحي الوادي (1934-2007)، الأب الروحي للموسيقى الكلاسيكية في سوريا، ومؤسس المعهد العالي للموسيقى والفرقة السيمفونية الوطنية السورية. أما والدتها، فهي السيدة سينثيا إيفريت الوادي، عازفة البيانو البريطانية التي كانت من أبرز المدرسات في المعهد. نشأت ديالا في هذا البيت الذي يتنفس فناً وموسيقى، وتشربت منذ نعومة أظفارها حب الإبداع والجمال.
وُلدت ديالا في بغداد، وحملت الجنسيات العراقية والبريطانية، بالإضافة إلى إقامتها الدائمة في سوريا التي اعتبرتها وطنها. اختارت ديالا أن تسلك طريقاً فنياً مختلفاً عن والديها، فالتحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، لتتخرج منه في عام 1986، ضمن دفعة أصبحت تُعرف لاحقاً بـ”الدفعة الذهبية”، والتي ضمت نخبة من ألمع نجوم الفن السوري اليوم، من بينهم المخرج الراحل حاتم علي، والفنانون غسان مسعود، وعارف الطويل، وماهر صليبي، ودلع الرحبي، وميادة ديب، ومحمود عثمان، وفؤاد حسن.
وعلى الرغم من أنها لم تسعَ يوماً إلى النجومية الصاخبة أو الأضواء الساطعة، إلا أن ديالا الوادي شاركت في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية التي تركت أثراً لدى المتابعين. عُرفت بحضورها الهادئ وأدائها المتقن وأخلاقها الرفيعة التي شهد بها كل من زاملها. وصفها الفنان ماهر صليبي، صديق دفعتها، في منشور مؤثر على فيسبوك قائلاً: “ديالا الوادي، صديقة الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية، من أجمل وأرقى الصديقات، دائمة الابتسام والأكابرية. لروحك السلام. قُتلت اليوم بأيدٍ مجرمة وخلص الكلام”.

صدى الجريمة: موجة حزن وغضب
أثار مقتل الفنانة ديالا الوادي موجة عارمة من الحزن والغضب في الأوساط الفنية والثقافية والشعبية. لم تقتصر ردود الفعل على بيانات النعي الرسمية، بل امتدت لتشمل شهادات شخصية مؤثرة من زملائها الذين استذكروا دماثة خلقها ورقيها وحبها للحياة. الفنان عارف الطويل، زميل دفعتها، نعاها بكلمات مقتضبة ومعبرة، وكذلك فعل العديد من الفنانين الذين عبروا عن صدمتهم من هذه النهاية المأساوية لفنانة كانت بعيدة كل البعد عن أي صراعات.
تجاوزت القضية حدود سوريا، حيث تفاعل معها العديد من الفنانين والمثقفين العرب الذين رأوا في هذه الجريمة انعكاساً للواقع الأليم الذي تعيشه سوريا. وتحولت صفحات التواصل الاجتماعي إلى ساحة عزاء مفتوحة، حيث تبادل المحبون صورها وكلماتها، واستعادوا ذكريات أعمالها، معبرين عن سخطهم من حالة الفلتان الأمني التي تسمح بوقوع مثل هذه الجرائم في وضح النهار وفي أحياء كانت تعتبر آمنة.
إن مقتل ديالا الوادي ليس مجرد فقدان لفنانة، بل هو فقدان لرمز من رموز جيل فني حمل على عاتقه هموم وطنه وأحلامه. هي ابنة صلحي الوادي الذي أثرى الحياة الثقافية في سوريا، وأسس لمستقبل موسيقي واعد. وجاءت نهاية حياتها على هذا النحو المأساوي لتطرح أسئلة مؤلمة حول حاضر سوريا ومستقبلها، وحول مصير الفن والثقافة في زمن الحرب والعنف. ستبقى ذكرى ديالا الوادي، الفنانة والإنسانة، حية في قلوب من عرفوها، وستبقى جريمة مقتلها وصمة عار تذكرنا بالثمن الباهظ الذي يدفعه الأبرياء في زمن انعدام الإنسانية.
روابط خارجية:
- بيان نعي نقابة الفنانين السوريين (الرابط افتراضي وسيتم تحديثه عند توفره)
- مقالات إخبارية حول الحادث
- معلومات عن الموسيقار صلحي الوادي