رحيل شرير السينما المصرية الفنان عماد محرم حزن يخيم على الوسط الفني ومسيرة حافلة بالأدوار الخالدة

رحيل شرير السينما المصرية الفنان عماد محرم حزن يخيم على الوسط الفني ومسيرة حافلة بالأدوار الخالدة، مع انتشار خبر وفاة الفنان القدير عماد محرم، الذي غيبه الموت في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، 25 يونيو 2025، عن عمر يناهز 74 عامًا. وجاءت الوفاة بعد صراع طويل ومرير مع المرض، لينهي بذلك مسيرة فنية امتدت لعقود، حفر خلالها اسمه بأحرف من ذهب في ذاكرة السينما والتلفزيون، تاركًا خلفه إرثًا من الأدوار المتنوعة التي جسدها ببراعة، وبصمة لا تُمحى في قلوب محبيه وزملائه. لذلك عبر موقع mrmagazin سنتعرف على رحيل شرير السينما المصرية الفنان عماد محرم.
رحيل شرير السينما المصرية الفنان عماد محرم
كانت السنوات الأخيرة في حياة الفنان عماد محرم حافلة بالتحديات الصحية. فقد عانى الفنان الراحل من مشاكل متكررة في القلب، وضعف في عضلة القلب، مما استدعى دخوله إلى العناية المركزة أكثر من مرة. وتفاقمت حالته الصحية بشكل كبير خلال الأشهر التي سبقت وفاته، حيث تعرض لجلطة دماغية أثرت على قدرته على النطق والحركة، وأبعدته قسريًا عن الساحة الفنية التي عشقها وأعطاها عمره.
ورغم وطأة المرض، ظل محرم متمسكًا بحب الفن، وصرح في لقاءات سابقة أنه لن يعتزل أبدًا، معتبرًا الفن جزءًا لا يتجزأ من كيانه. وفي الأسابيع القليلة التي سبقت رحيله، تعرض لجلطة دماغية ثانية وشديدة، كانت بمثابة الضربة القاضية التي أدت إلى تدهور حالته بشكل حاد وسريع، حتى أسلم الروح إلى بارئها في أحد مستشفيات مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة.
وقد شُيع جثمان الفنان الراحل من مسجد الشرطة بالشيخ زايد، في جنازة خيم عليها الحزن، وحضرها عدد من الفنانين والإعلاميين المقربين منه، من بينهم المنتج محمد فوزي والإعلامية بوسي شلبي، بالإضافة إلى أفراد أسرته ومحبيه، الذين ودعوه إلى مثواه الأخير. واحترامًا لوصيته، لم يتم إقامة عزاء تقليدي، حيث اكتفت الأسرة بتلقي التعازي في المقابر.
مسيرة فنية من البدايات إلى النجومية
وُلد عماد محرم في 8 يونيو عام 1951، وبدأ شغفه بالفن في سن مبكرة. انطلقت مسيرته الفنية في فترة السبعينيات من القرن الماضي، حيث شارك في عدد من الأعمال بأدوار صغيرة، لكن موهبته وقدرته على التلون سرعان ما لفتت إليه الأنظار. امتلك محرم حضورًا طاغيًا وكاريزما خاصة، أهلته ليصبح أحد أبرز فناني الأدوار المساعدة في السينما المصرية، خاصة في فترتي الثمانينيات والتسعينيات.
اشتهر عماد محرم بإتقانه الشديد لأدوار الشر، حتى أُطلق عليه لقب “شرير السينما المصرية”. لكنه لم يحصر نفسه في هذه الخانة، بل برع في تقديم أنماط مختلفة من الشخصيات، من الرجل الأرستقراطي إلى ابن البلد، ومن ضابط الشرطة إلى رجل العصابات، مثبتًا في كل مرة قدرته على إقناع المشاهد بأدائه الصادق والمتمكن.
على مدار مسيرته الفنية التي قاربت الخمسين عامًا، شارك عماد محرم في أكثر من 150 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والمسرح. ورغم أنه لم يقدم البطولة المطلقة، إلا أن أدواره كانت محورية ومؤثرة، وساهمت في نجاح العديد من الأعمال التي أصبحت من كلاسيكيات السينما المصرية.
ومن أبرز وأشهر أدواره التي لا تزال عالقة في أذهان الجمهور، دوره في فيلم “العفاريت” (1990) مع النجم عمرو دياب والفنانة الراحلة مديحة كامل. في هذا الفيلم، جسد شخصية “شمندي”، المجرم الذي يخطف ابنة مذيعة الأطفال الشهيرة ويقوم على تربيتها ضمن عصابة للنشل. لقد أدى محرم هذا الدور ببراعة فائقة، وترك بصمة أيقونية في تاريخ السينما، حتى أن الكثيرين لا يزالون يتذكرون جملته الشهيرة ونظراته الحادة في الفيلم. وقد أثار جدلًا بعد سنوات طويلة من عرض الفيلم عندما كشف عن هوية ابنة مديحة كامل الحقيقية في الفيلم، مما أعاد العمل إلى دائرة الضوء من جديد.
ولا يمكن نسيان دوره الهام في فيلم “الباطنية” (1980)، أحد أهم أفلام النجمة نادية الجندي. في هذا العمل الذي أحدث ضجة كبيرة عند عرضه، قدم عماد محرم دور تاجر مخدرات بأسلوب مميز، وساهم في رسم ملامح عالم الجريمة والصراعات في حي الباطنية الشهير.
كما تعاون مع كبار النجوم في أعمال سينمائية بارزة، تاركًا بصمته في كل منها. فشارك الزعيم عادل إمام في عدة أفلام منها “على باب الوزير” (1982)، حيث قدم مشاهد كوميدية لا تُنسى، وفيلم “مين فينا الحرامي” (1984). كما شارك النجم الراحل نور الشريف في فيلم “أقوى الرجال” (1993)، والفنان محمود عبد العزيز في فيلم “وكالة البلح” (1982).
لم تقتصر إبداعاته على السينما فقط، بل كان له حضور مميز في الدراما التلفزيونية، حيث شارك في مسلسلات هامة منها “الباطنية” بنسخته التلفزيونية (2009)، و**”الدالي” الجزء الثالث (2011)، و”رأس الغول” (2016). وكانت آخر إطلالاته الفنية من خلال مسلسل “عوالم خفية” مع الزعيم عادل إمام في رمضان 2018، حيث قدم دورًا مميزًا قبل أن يبتعد بسبب تدهور حالته الصحية.
إلى جانب مسيرته التمثيلية الناجحة، خاض عماد محرم تجربة الإنتاج الفني، حيث قام بإنتاج عدد من الأعمال. وقد صرح في إحدى مقابلاته بأن امتلاكه للمال لم يبعده يومًا عن عشقه الأول وهو التمثيل، الذي اعتبره “إدمانًا” لا يمكن الشفاء منه.
صدى الرحيل في الوسط الفني
بمجرد الإعلان عن خبر الوفاة، سارع عدد من الفنانين والجمهور إلى نعي الفنان الراحل عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقد وصفه الكثيرون بأنه أحد وجوه الزمن الجميل في السينما، وأشادوا بموهبته وتاريخه الفني الكبير. ورغم أن الحضور في الجنازة كان محدودًا، إلا أن حالة الحزن كانت واضحة، حيث عبر الكثيرون عن صدمتهم لفقدان فنان قدير ترك بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري.
إن رحيل الفنان عماد محرم يمثل خسارة كبيرة للساحة الفنية العربية. فهو لم يكن مجرد ممثل أدى أدواره ببراعة، بل كان فنانًا حقيقيًا عشق مهنته وأخلص لها، وترك خلفه إرثًا فنيًا سيبقى خالدًا في ذاكرة الأجيال. ستبقى شخصياته التي جسدها، وخاصة “شمندي”، محفورة في وجدان محبي السينما، كدليل على موهبة فذة رحلت عن عالمنا، لكنها ستظل حية بأعمالها الخالدة.