
أبو الزيد كنية تتردد في فضاء زياد الرحباني ولكن هل هي له
كثيراً ما يُنسب للفنان اللبناني زياد الرحباني، بشخصيته الجدلية وإبداعه المتفرد، العديد من الحكايات والألقاب التي تلتصق بمسيرته الفنية الحافلة. من بين هذه التسميات، برز اسم “أبو الزيد” ككنية أو اسم حركي مفترض له. إلا أن التدقيق في مسيرة الرحباني الفنية والإعلامية يكشف أن هذه النسبة، على الأرجح، ليست في محلها، وأنها قد تكون نتاج خلط أو سوء فهم.
لم يظهر في أي من أعمال زياد الرحباني المسرحية، أو موسيقاه، أو كتاباته، أو حتى في مقابلاته الإعلامية العديدة ما يشير إلى استخدامه لكنية “أبو الزيد” كاسم حركي أو فني له. الشخصيات التي أبدعها الرحباني على الخشبة حملت أسماءً أصبحت جزءاً من الذاكرة الجماعية اللبنانية، مثل “زكريا” في “بالنسبة لبكرا شو؟” أو “أبو ليلى” في “فيلم أميركي طويل”، لكن “أبو الزيد” لم يكن من بينها.

في المقابل، تشير بعض المصادر المقربة من الفنان الراحل إلى أنه كان يفضل مناداته بكنية “أبو الزوز”، وهو تدليل محبب لاسمه “زياد”، ويعكس الجانب الشخصي والعفوي من شخصيته بعيداً عن الرسميات.
أبو الزيد كنية تتردد في فضاء زياد الرحباني
يزداد احتمال أن يكون الخلط قد نشأ من تشابه الأسماء. ففي الفضاء العام اللبناني، هناك شخصيات تحمل اسم “أبو زيد” ككنية أو كاسم عائلة. ومع تزامن بعض الأحداث والمواقف، قد يكون تم الربط خطأً بين هذا الاسم وشخصية زياد الرحباني، خاصة في ظل حضوره القوي والمستمر في النقاشات السياسية والاجتماعية.
أبو الزلف كنية أخرى في عالم الرحباني
من جهة أخرى، يظهر اسم “أبو الزلف” في أحد أعمال زياد الرحباني الموسيقية، وهو عنوان مقطوعة شهيرة له. و”أبو الزلف” هو شكل من أشكال الغناء الفلكلوري في بلاد الشام، وقد وظفه الرحباني في سياق فني ساخر وناقد كعادته، مما جعل البعض يربط هذا الاسم به، ولكن على سبيل التوصيف الفني لعمل معين وليس ككنية شخصية.
في خلاصة الأمر، ورغم أن فضاء زياد الرحباني يزخر بالشخصيات والأسماء التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من إرثه، فإن كنية “أبو الزيد” لا تبدو واحدة منها. ويبقى “أبو الزوز” هو اللقب الأقرب إلى قلبه، والذي يعكس بساطته خلف عباءة الفنان والمثقف والموسيقي الاستثنائي الذي أثرى الفن العربي الحديث.
رحيل أيقونة الفن والثقافة

في أواخر شهر يوليو من عام 2025، ترجل زياد الرحباني عن صهوة الحياة عن عمر ناهز 69 عاماً، بعد صراع مع مرض تليف الكبد. شكّل رحيله صدمة في لبنان والعالم العربي، وأحدث فراغاً كبيراً في الساحتين الفنية والثقافية. لم يكن مجرد فنان، بل كان حالة فكرية متكاملة وصوتاً جريئاً للطبقات المهمشة، وضميراً حياً انتقد الواقع السياسي والاجتماعي بمرارة وسخرية لاذعة.
وقد تحولت جنازته إلى تظاهرة حب ووفاء، شارك فيها حشد كبير من الفنانين والمثقفين وعامة الناس الذين رأوا في زياد صوتهم الصارخ في وجه الظلم. وكان الحضور الأبرز لوالدته، السيدة فيروز، في ظهور استثنائي عكس حجم المصاب.

نعاه كبار المسؤولين والفنانين، واجتمعت كلماتهم على أن لبنان خسر برحيله “عبقرياً” و”فناناً استثنائياً” ترك إرثاً فنياً لن يموت. من مسرحياته التي لامست وجع الناس إلى موسيقاه التي مزجت الجاز بالشرقي بأسلوب فريد، ستبقى أعمال زياد الرحباني خالدة، تروي حكاية فنان لم يساوم، وعاش ومات وهو يعزف على أوتار الحقيقة.