منوعات
أخر الأخبار

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

 

في مشهد يخطف الأنفاس، تحولت سماء مدينة شنتشن الصينية إلى لوحة فنية حية، حيث تم استخدام أكثر من 1500 طائرة بدون طيار (درون) لتشكيل تنين عملاق ومتحرك، في استعراض ضوئي مذهل جمع بين التكنولوجيا المتطورة والفن المستوحى من التراث الثقافي الغني للصين. هذا الحدث لم يكن مجرد عرض للألعاب الضوئية، بل كان بمثابة بيان قوي عن مدى التقدم الذي وصلت إليه الصين في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة وقدرتها على توظيفها في إبداعات فنية غير مسبوقة.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

العرض الذي أقيم احتفالًا، أضاء ليل المدينة الجنوبية التي تعرف بكونها عاصمة التكنولوجيا في الصين. سرب الطائرات بدون طيار، الذي تم تنسيقه وبرمجته بدقة متناهية، حلق في تناغم تام ليشكل صورة تنين أسطوري ثلاثي الأبعاد، بدا وكأنه يسبح في السماء بمقاييسه الهائلة وتفاصيله الدقيقة. لم يقتصر العرض على التشكيل الثابت، بل أظهر التنين وهو يتحرك ويلتف، وتتغير ألوانه وتفاصيله، مما أضفى عليه حيوية كادت أن تجعله كائنًا حقيقيًا يجوب السماء.

تفاصيل العرض: دقة متناهية وإبداع لا حدود له

استمر العرض، الذي شاهده الآلاف من سكان المدينة وزوارها، لعدة دقائق، قدم خلالها لوحات فنية متعددة لم تقتصر على التنين فقط، بل شملت أيضًا تشكيلات أخرى مستوحاة من المهرجان والثقافة الصينية. تم تجهيز كل طائرة من طائرات الدرون بأضواء LED عالية السطوع وقابلة للبرمجة لتغيير ألوانها وشدتها بشكل فوري، مما سمح بإنشاء تأثيرات بصرية ديناميكية ومعقدة.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

يكمن سر نجاح هذا العرض المذهل في الخوارزميات المعقدة وأنظمة التحكم المتقدمة التي تدير أسراب الطائرات بدون طيار. هذه الأنظمة تضمن تحديد الموقع الجغرافي لكل طائرة بدقة تصل إلى مستوى السنتيمتر، وتمنع أي تصادم محتمل بينها، وتزامن حركتها وأضواءها مع الموسيقى التصويرية المصاحبة للعرض.

الشركة التي تقف خلف هذا الإنجاز هي “دامودا” (Damoda)، وهي شركة تكنولوجيا متخصصة في عروض الطائرات بدون طيار وتتخذ من منطقة لونغهوا في شنتشن مقراً لها. استخدمت الشركة تقنية التحكم في الأسراب المتقدمة الخاصة بها، والتي تتضمن نظام اتصالات مضاد للتشويش ومنصة ملاحة ذكية، لضمان تنفيذ العرض بشكل خالٍ من العيوب. وقد أظهرت “دامودا” قدرتها على دمج الثقافة الصينية التقليدية مع التكنولوجيا الحديثة، من خلال استخدام النمذجة ثلاثية الأبعاد وتصميم الإضاءة لسرد قصص غنية بصريًا في السماء.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

رمزية التنين في الثقافة الصينية

لم يكن اختيار شكل التنين مصادفة، فالتنين يحتل مكانة مقدسة ومحورية في الثقافة الصينية. على عكس ما هو شائع في الثقافات الغربية حيث غالبًا ما يصور التنين ككائن شرير، فإن التنين الصيني (Lóng 龙) هو رمز للقوة والحكمة والحظ السعيد والرخاء. إنه كائن أسطوري خيّر يجلب المطر ويفيض بالبركات على الأرض. لذلك، كان تجسيد التنين في السماء عبر أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا بمثابة تكريم لهذا الرمز الثقافي العميق، ووسيلة مبتكرة للاحتفال بالهوية الوطنية في عصر التكنولوجيا.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

ظاهرة عروض الطائرات بدون طيار في الصين

لم يعد هذا النوع من العروض حدثًا نادرًا في الصين، بل أصبح ظاهرة متنامية ومجالاً للتنافس الشديد بين الشركات الصينية المتخصصة. لقد تحولت عروض الطائرات بدون طيار إلى بديل صديق للبيئة ومبتكر للألعاب النارية التقليدية، حيث إنها لا تسبب تلوثًا ضوضائيًا أو كيميائيًا.

وقد شهدت الصين العديد من العروض التي حطمت أرقامًا قياسية عالمية. ففي عام 2022، دخلت شركة “هاي غريت” (HighGreat)، وهي شركة أخرى رائدة في شنتشن، موسوعة غينيس للأرقام القياسية بتحقيقها أربعة أرقام قياسية في عرض واحد باستخدام 5200 طائرة بدون طيار. وشملت هذه الأرقام أكبر عدد من الطائرات التي تحلق في وقت واحد، وأكبر صورة ضوئية تشكلها طائرات بدون طيار. هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا وجود بنية تحتية تكنولوجية قوية وبيئة داعمة للابتكار في مدن مثل شنتشن، التي تحتضن مقار العديد من عمالقة التكنولوجيا العالميين.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

أبعاد فنية وتكنولوجية

إن تحويل السماء إلى خشبة مسرح هو ما يميز هذه العروض. لم تعد الشاشة ثنائية الأبعاد، بل أصبحت الفضاء نفسه هو اللوحة التي يرسم عليها الفنانون الرقميون. يتطلب هذا النوع من الفن تعاونًا وثيقًا بين المهندسين والمبرمجين والمصممين الفنيين. تبدأ العملية بتصميم النماذج ثلاثية الأبعاد للشخصيات والأنماط المراد عرضها، ثم يتم تحويل هذه النماذج إلى مسارات طيران دقيقة لكل طائرة من آلاف الطائرات المشاركة.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

بعد ذلك، تأتي مرحلة البرمجة المعقدة لتحديد توقيت الإضاءة ولونها وشدتها لكل طائرة على حدة، ومزامنة كل ذلك مع الموسيقى والمؤثرات الصوتية. وأخيرًا، يتم إجراء اختبارات ومحاكاة مكثفة لضمان سلامة العرض ودقته قبل التنفيذ الفعلي.

مستقبل واعد ومنافسة عالمية

إن عرض التنين الذي حلق في سماء شنتشن هو أكثر من مجرد احتفال ثقافي؛ إنه استعراض للقوة الناعمة التكنولوجية للصين. فمن خلال هذه العروض المبهرة، ترسل الصين رسالة إلى العالم عن ريادتها في مجال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار وتطبيقاتها المبتكرة. وقد بدأت الشركات الصينية بالفعل في تصدير هذه التكنولوجيا، حيث قامت بتنفيذ عروض ضوئية مذهلة في العديد من دول العالم، مما يعزز من مكانتها كلاعب رئيسي في سوق الترفيه التكنولوجي العالمي.

سماء الصين تتزين بتنين أسطوري: عرض مذهل يجسد اندماج التكنولوجيا والفن بأكثر من 1500 طائرة بدون طيار

في الختام، يمكن القول إن عرض التنين المكون من 1500 طائرة بدون طيار لم يكن مجرد مشهد بصري عابر، بل كان لحظة فارقة تتجلى فيها قدرة الإنسان على تطويع التكنولوجيا لخدمة الفن وإحياء التراث. لقد أثبت أن حدود الإبداع يمكن أن تتجاوز الأرض لتصل إلى عنان السماء، وأن أساطير الماضي يمكن أن تولد من جديد في العصر الرقمي، ليس من خلال النار والدخان، بل من خلال الضوء والخوارزميات الدقيقة التي ترسم المستقبل.

مشاركة المقال:
                    0
                    1
                    1
                    1

مقالات ذات صلة

اترك رد