
سيدة تقاضي طبيب أسنان بسبب 32 عملية في يوم واحد
في قضية هزت الأوساط الطبية والقانونية في الولايات المتحدة، أقدمت سيدة أمريكية على رفع دعوى قضائية ضد طبيب أسنان، متهمة إياه بإجراء 32 عملية جراحية في فمها خلال جلسة علاجية واحدة، مما أدى إلى تعرضها لأضرار جسيمة وتشويه، حسب ادعائها. هذه الواقعة، التي تسلط الضوء على قضايا تتعلق بأخلاقيات مهنة الطب وحدود الممارسة الآمنة، أثارت جدلاً واسعاً حول معايير الرعاية الصحية والممارسات الطبية المقبولة.
سيدة تقاضي طبيب أسنان بسبب 32 عملية في يوم واحد
تعود تفاصيل القضية إلى شهر يوليو من عام 2020، عندما توجهت السيدة كاثلين ويلسون، من ولاية مينيسوتا، إلى عيادة طبيب أسنان، الدكتور كيفن مولدريم، لمعالجة مشاكل متعددة في أسنانها. وبحسب ما ورد في أوراق الدعوى القضائية التي أقيمت في مقاطعة هينيبين، فإن ما كان من المفترض أن يكون خطة علاجية مدروسة وموزعة على عدة جلسات، تحول إلى جلسة علاجية واحدة مكثفة ومطولة.
خلال هذه الجلسة، التي استمرت قرابة الخمس ساعات ونصف، خضعت ويلسون لما مجموعه 32 إجراءً طبياً، شملت أربع عمليات علاج عصب، وثمانية تيجان (تلبيسات)، وعشرين حشوة. وتدعي السيدة ويلسون أن هذا الكم الهائل من الإجراءات الطبية في جلسة واحدة لم يكن ضرورياً فحسب، بل تم تنفيذه بإهمال شديد، مما تسبب لها في آلام مبرحة، وتطلب خضوعها لعلاجات إضافية ومكلفة لإصلاح الأضرار التي لحقت بأسنانها ولثتها.

ادعاءات المدعية إهمال وتجاوز للحدود الآمنة
ترتكز الدعوى القضائية التي رفعتها كاثلين ويلسون على عدة اتهامات خطيرة ضد الدكتور مولدريم. فبالإضافة إلى العدد غير المسبوق من الإجراءات الطبية في جلسة واحدة، تتهمه ويلسون بالإهمال الجسيم في تقديم الرعاية الطبية، مما أدى إلى تفاقم حالتها بدلاً من علاجها.
ومن أبرز النقاط التي أثارتها الدعوى، قضية التخدير. حيث تدعي ويلسون أن طبيبها أعطاها جرعة زائدة ومفرطة من المخدر الموضعي، تجاوزت بكثير الحدود الآمنة الموصى بها. وبحسب الخبراء الذين استعانت بهم هيئة الدفاع عن ويلسون، فإن الجرعة التي تلقتها كانت كافية لإثارة مخاوف جدية حول سلامتها أثناء وبعد الإجراء.
كما تتضمن الدعوى اتهاماً بتزوير السجلات الطبية. وتدعي ويلسون أن الدكتور مولدريم قام بتدوين معلومات غير صحيحة في سجلها الطبي فيما يتعلق بكمية المخدر التي تم استخدامها، في محاولة لإخفاء تجاوزه للجرعات المسموح بها.

رأي الخبراء خرق واضح لمعايير الرعاية الطبية
استعانت كاثلين ويلسون في قضيتها بخبرة الدكتور أفروم غولدستين، وهو طبيب أسنان وخبير محلف من فلوريدا، لتقييم حالتها ومراجعة الإجراءات التي قام بها الدكتور مولدريم. وفي تقريره الذي قدمه للمحكمة، وصف الدكتور غولدستين ما حدث بأنه “خرق صارخ لمعايير الرعاية الطبية المتعارف عليها”.
وأوضح غولدستين في شهادته أن محاولة علاج كل مشاكل الأسنان لدى المريضة في جلسة واحدة هو أمر “غير إنساني وغير ممكن تحقيقه بفعالية أو بطريقة بناءة”. وأضاف أن حالة ويلسون كانت تتطلب خطة علاجية “بطيئة ومدروسة ودقيقة وموزعة على مراحل”، بدلاً من هذا النهج المكثف الذي لم يعالج الأسباب الجذرية لمشاكلها، بل قد يكون قد أدى إلى تفاقمها.
وفيما يتعلق بالتخدير، أكد الدكتور غولدستين أن الجرعة التي تلقتها ويلسون كانت “تتجاوز بشكل صارخ ما يمكن اعتباره آمناً”، مما يعزز من ادعاءات المدعية حول تعريضها للخطر.

الدفاع المحتمل والتداعيات القانونية
من المتوقع أن يركز دفاع الدكتور مولدريم على أن حالة السيدة ويلسون كانت معقدة وتتطلب تدخلاً شاملاً، وأن الإجراءات التي تم اتخاذها كانت بناءً على تقييمه المهني لحالتها. وقد يدفع محامو الدفاع بأن المريضة كانت على علم بالخطة العلاجية ووافقت عليها.
ومع ذلك، فإن شهادة الخبراء، مثل الدكتور غولدستين، ستلعب دوراً حاسماً في تحديد ما إذا كانت الإجراءات التي قام بها الدكتور مولدريم تقع ضمن “معيار الرعاية” المقبول في مهنة طب الأسنان. ويُقصد بمعيار الرعاية، المستوى والنوع من الرعاية الذي يقدمه طبيب أسنان عاقل وحكيم وذو كفاءة في ظل ظروف مماثلة.
في حال إدانته، قد يواجه الدكتور مولدريم عواقب وخيمة، لا تقتصر فقط على التعويضات المالية التي تطالب بها السيدة ويلسون، والتي تتجاوز 50 ألف دولار، بل قد تمتد لتشمل إجراءات تأديبية من قبل مجلس أطباء الأسنان في ولاية مينيسوتا، والتي يمكن أن تصل إلى تعليق أو سحب رخصته لمزاولة المهنة.
قضية رأي عام وأبعاد أخلاقية

تتجاوز هذه القضية حدود قاعات المحكمة، لتفتح نقاشاً أوسع حول العلاقة بين الطبيب والمريض، وأهمية التواصل الواضح والشفاف، والحصول على موافقة مستنيرة من المريض قبل الشروع في أي خطة علاجية، خاصة تلك التي تنطوي على إجراءات متعددة ومكلفة.
كما أنها تثير تساؤلات حول الضغوط التجارية التي قد يواجهها بعض ممارسي المهن الطبية، والتي قد تدفعهم أحياناً إلى تفضيل الإجراءات الأكثر ربحية على حساب مصلحة المريض الفضلى.
إن قضية كاثلين ويلسون ضد طبيبها هي تذكير صارخ بأهمية أن يكون المرضى على دراية بحقوقهم، وألا يترددوا في طرح الأسئلة وطلب رأي ثانٍ عندما يتعلق الأمر بصحتهم. وفي المقابل، تؤكد على المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية في الالتزام بأعلى معايير الأخلاق المهنية ووضع سلامة المريض فوق كل اعتبار.
روابط خارجية:
- American Dental Association (ADA): للتعرف على المبادئ الأخلاقية ومعايير الممارسة لطب الأسنان.
- مقالات إخبارية حول القضية: لقراءة المزيد من التفاصيل حول تطورات الدعوى القضائية.