
نقابة الفنانين تنعي إيمان الغوري رحيل خيرو التي رسمت البسمة على وجوه الملايين، في خبر صادم للوسط الفني السوري والعربي، تداولت أنباء عن وفاة الفنانة السورية القديرة إيمان الغوَري، التي اشتهرت بدور “خيرَو” الأيقوني في المسلسل الكوميدي الشهير “أحلام أبو الهنا”، عن عمر يناهز الـ 58 عاماً. وقد نُسب خبر الوفاة إلى إعلان من نقابة الفنانين في سوريا، بتاريخ الثلاثاء التاسع عشر من أغسطس 2025، مما أثار حزناً عميقاً في قلوب محبيها الذين احتفظوا لها بذكريات لا تُمحى من الضحك والبهجة. ورغم تداول الخبر، يبقى التأكيد الرسمي من مصادر إعلامية كبرى أو عبر المنصات الرسمية لنقابة الفنانين أمراً منتظراً، إلا أن هذا النبأ أعاد إلى الأذهان مسيرة فنانة استثنائية تركت بصمة لا تُنسى في عالم الكوميديا.
من هي إيمان الغوري النشأة والبدايات
وُلدت الفنانة إيمان الغوري في 8 مايو 1967، ورغم أن مسيرتها الفنية كانت قصيرة نسبياً، إلا أنها كانت مؤثرة وكافية لتخليد اسمها في ذاكرة الدراما السورية. عشقت الفن منذ صغرها، وسعت لدراسته أكاديمياً. طموحها قادها إلى موسكو، حيث حصلت على منحة من الحكومة السورية لدراسة التمثيل في معهد السينما الحكومي الروسي، وتخرجت منه عام 1993 حاملةً شهادة دبلوم في التمثيل.
بعد عودتها إلى سوريا، انتسبت إلى نقابة الفنانين وبدأت مسيرتها المهنية، فشاركت في عدد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية. كانت بداياتها تظهر موهبة فذة وقدرة فريدة على تقمص الشخصيات، خاصة الكوميدية منها. شاركت في أعمال مثل مسلسل “تل اللوز” وفيلم “تراب الغرباء”، لكن نجمها سطع بشكل لم يسبق له مثيل مع دور واحد، كان كفيلاً بأن يصبح بطاقة تعريفها الأبدية.
خيرو الشخصية التي لا تُنسى
في عام 1996، عُرض مسلسل “أحلام أبو الهنا” من بطولة الفنان القدير دريد لحام، وظهرت فيه إيمان الغوري بدور “خيرو” أو “أم الخير”، زوجة “أبو الهنا”. حققت شخصية “خيرو” نجاحاً منقطع النظير، وتحولت إلى أيقونة في عالم الكوميديا العربية. بجسدها الممتلئ، وروحها المرحة، ونهمها الدائم للطعام، ومقالبها الطريفة مع زوجها “أبو الهنا”، استطاعت الغوري أن تقدم أداءً طبيعياً وعفوياً جعل الشخصية قريبة من قلوب المشاهدين في كل بيت عربي.
لم تكن “خيرو” مجرد شخصية كوميدية، بل كانت نموذجاً للبساطة والطيبة، ورغم سذاجتها الظاهرة أحياناً، كانت تحمل قلباً كبيراً وحباً عميقاً لعائلتها. إن نجاح إيمان الغوري في تجسيد هذا الدور يكمن في صدقها وعدم تصنعها، فقد أضافت للشخصية من روحها الكثير، لتصبح “خيرو” حديث الناس ومصدر ابتسامتهم لسنوات طويلة. وحتى اليوم، لا يزال رواد مواقع التواصل الاجتماعي يستذكرون مشاهدها ومقولاتها الشهيرة في المسلسل.
مسيرة فنية غنية واعتزال مفاجئ
رغم النجاح الساحق لشخصية “خيرَو”، لم تستمر إيمان الغورَي طويلاً في عالم الأضواء. شاركت بعد “أحلام أبو الهنا” في عدد من الأعمال المميزة الأخرى، منها مسلسل “يوميات جميل وهناء” و”خان الحرير”، وأثبتت في كل مرة قدرتها على التنوع في الأداء. لكن في ذروة نجاحها، قررت الابتعاد عن الساحة الفنية في بداية الألفية الجديدة.
جاء قرار الاعتزال للتفرغ لحياتها الأسرية وتربية ابنها الوحيد “ورد”. وفي لقاءات لاحقة، صرحت بأنها اختارت الأمومة عن قناعة تامة، ووجدت في عائلتها السعادة الحقيقية التي لم تمنحها إياها أضواء الشهرة. هذا القرار، رغم أنه أحزن جمهورها، أظهر جانباً إنسانياً عميقاً في شخصيتها، حيث فضلت دورها كأم على مسيرتها المهنية اللامعة.
سنوات من الشائعات والغياب
خلال فترة غيابها الطويلة التي امتدت لسنوات، لم تسلم الفنانة إيمان الغورَي من الشائعات. ولعل أقسى هذه الشائعات كانت تلك التي تحدثت عن وفاتها أكثر من مرة، إحداها زعمت أنها توفيت أثناء خضوعها لعملية جراحية لتخفيف الوزن. وفي كل مرة، كانت تظهر لتنفي الخبر، معبرة عن استيائها من هذه الأخبار المؤلمة لها ولعائلتها.
هذه الشائعات، رغم قسوتها، كانت دليلاً على أن الجمهور لم ينسها أبداً، وأن شخصية “خيَرو” لا تزال حية في وجدانهم. وقد عادت للظهور بشكل متقطع في السنوات الأخيرة عبر بعض اللقاءات الإعلامية، حيث تحدثت عن ذكرياتها مع “أحلام أبو الهنا” وعن سبب ابتعادها، مؤكدة أنها لم تعتزل الفن بشكل قاطع، بل تنتظر الدور المناسب الذي يعيدها إلى جمهورها بالشكل الذي يليق بها.
إيمان الغوري رحيل خيرو التي رسمت البسمة على وجوه الملايين
إن خبر وفاة الفنانة إيمان الغوري الذي أعلنته نقابة الفنانين، كما تم تداوله، يمثل خسارة كبيرة للدراما السورية. هي ليست مجرد ممثلة أدت دوراً كوميدياً، بل فنانة حفرت اسمها في تاريخ الفن العربي بشخصية واحدة لم يستطع الزمن محوها. لقد كانت “خيرو” غيمة من الفرح مرت في سماء الكوميديا، وتركت أثراً طيباً وابتسامة صادقة.
سيظل إرث إيمان الغوري حاضراً في كل مرة يُعرض فيها مسلسل “أحلام أبو الهنا”، وستبقى “خيَرو” الشخصية التي تذكرنا بزمن الفن الجميل والكوميديا الراقية. وداعاً إيمان الغوري، وشكراً على كل لحظة من السعادة والضحك أهديتها لجمهورك الواسع في جميع أنحاء الوطن العربي. إنا لله وإنا إليه راجعون.